الرئيسية
بلغ عدد أندية ومراكز التيكوندو في كوريا بحلول هذا العام 2013 حوالي 12 ألف نادٍ ومركز. من المؤكد أن فنون ورياضة التيكوندو في كوريا الآن هي من بين أكثر الفنون والرياضات شهرة ورواجا، حيث تشهد حاليا ما يمكن وصفه بمرحلة تحول.
تستضيف قاعة العروض الثقافية الكورية في الحديقة الأولمبية عرضا خاصا بالتيكوندو تحت اسم "تال" وهي كلمة كورية تعني قناع. العرض متعدد الأشكال ويشمل عددا من الفنون الراقصة والرياضية مثل التياكوندو وموسيقى النقر والبي بويز والرقص التقليدي في تداخل وتناغم مثير يجعل منه عرضا ثقافيا بديعا منسجما.
"تال" عرض فني تم إنتاجه في استهداف للأجانب ويشارك فيه لاعبون وفنانون متخصصون في التيكوندو من الطراز الأول، بالإضافة إلى راقصين مهرة في فن البي بويز. لم يكن الدمج بين هؤلاء الفنانين أمرا سهلا، بل استغرق كثيرا من الوقت والمثير من المران الشاق، حتى تحقق الانسجام في النهاية.
تدور قصة العرض "تال" حول شخص طماع جشع يتمكن من سرقة قناع له خواص سحرية خارقة، وبالتالي يصبح بإمكانه نشر كل أنواع الفوضى في العالم. ومن ثم تحاول مجموعة من ممارسي التيكوندو تخليص العالم من شرور ذلك الشخص الشرير. كل الممثلين في العرض يرتدون أقنعة، ويعبّر كل قناع عن شخصية صاحبه.
العنوان "تال" له مدلول رمزي. فالأقنعة تمثل الشخصيات المختلفة التي تقوم بمهمة استعادة القناع المسروق وهي مهمة ترتبط بصراع مرير بين الخير والشر. يحتوي العمل على أنماط فنية مختلفة تجسد الحب والكراهية، وتحتوي على مقاطع ولقطات ضاحكة وطريفة، ويتم استعمال الأقنعة للتعبير عن كل تلك الأشياء.
يبدأ العرض من خلال حركات تيكوندو رشيقة ومنضبطة من ذلك النوع الذي يعرف باسم "بوم سيه"، ويلي ذلك رقصة بي بويز يتفاعل معها الجمهور بشكل مدهش.
راقصو البي بويز يمثلون الشخص الشرير الذي يرمز للجشع، حيث يقدمون حركات راقصة يفهم منها أنهم بصدد نشر الفوضى في العالم.
إعادة الاستقرار والأمان للعالم يتم عبر الموسيقى المفعمة بالحيوية التي تقدم بواسطة آلات النقر، والتي يبدأ لاعبو التيكوندو الرقص على إيقاعاتها بمنتهى المهارة.
ضربات وركلات ولكمات التيكوندو تتم على إيقاع ضربات الطبول وأنغام الموسيقى ويبدو المشهد وكأنه معركة ساخنة ملتهبة. وللتعبير عن هزيمة الشر وانتصار الخير، يتم تقديم رقصة رشيقة لطيفة بواسطة فريق التيكوندو وفريق الرقص التقليدي.
ويبلغ العرض ذروته في المشهد الأخير بظهور فريق التمثيل على خشبة المسرح لتقديم عرض موسيقي غنائي راقص يتضمن أحدث وأشهر الأعمال الفنية الكورية التي حققت نجاحا ورواجا في مجال الأغاني الشعبية الفولكلورية. المخرجة "تشيه سو ري" وتعليق آخر.
تسعون دقيقة في رحاب عمل فني بديع، يحتوي على خليط مدهش من فنون التيكوندو والبي بويز والفنون الكورية التقليدية وفنون النقر الموسيقية، وفي انسجام أكثر إدهاشا. كان ذلك جليا في عاصفة التصفيق التي أعقبت إغلاق الستار.
حتى الممثلين والراقصين في العرض "تال" صاروا أكثر انجذابا لفنون التيكوندو.
وحتى قبل عرضها في كوريا، تم عرض "تال" في عدة أماكن في العالم من خلال جولة فنية استمرت عامين وفي إطار الموجة الكورية "هاليو". وهذا العرض كما قلنا هو مزيج من أربعة أنماط فنية وثقافية مختلفة، وقد وجد تجاوبا جماهيريا هائلا في الخارج والداخل.
وتجاوبا مع كل ردود الفعل الداخلية والخارجية المشجعة، قامت الحكومة الكورية بافتتاح قاعة خاصة في الحديقة الأولمبية لتشجيع كل الأعمال الفنية العسكرية والقتالية الكورية التقليدية. تتكون القاعة من ثلاثة طوابق بمساحة 2600 متر مربع، ومسرح رئيسي وشرفات أنيقة. "تال" عرض فني مختلط ومنسجم بتركيز على فنون التيكوندو. فنون التيكوندو الاستعراضية التي تقدمها فرقة النمور الكورية هي شكل مختلف عن فنون القتال العسكرية التقليدية الأخرى.
العرض يتضمن فقرات أشبه بعروض السيرك. فهناك لاعبون وراقصون يطيرون في الهواء، ويتقافزون عاليا من أجل كسر الألواح وقوالب الطوب وسط تهليل الجمهور الصاخب. الجمهور يتابع بمنتهى الإثارة والاستمتاع حركات العارضين والممثلين بكل ما فيها من أناقة ورشاقة. يتناول العرض كذلك عددا من القضايا الاجتماعية المهمة، مثل ظاهرة العنف المدرسي والعصابات الطلابية.
الممثل الذي يلعب شخصية قائد عصابة مدرسية يؤدي دوره بانفعال شديد يجسد إيمانه بضرورة تكثيف الجهود من أجل وقف تلك الظاهرة الخطيرة. ولا يخلو العرض من لحظات خطيرة، لكن الممثلين مطمئنون بسبب ثقتهم في قدراتهم ومهاراتهم.
منذ فنرة الستينيات من القرن الماضي بدأ أبطال التيكوندو الكوريون حملاتهم من أجل نشر وترويج هذه الرياضة التقليدية على مستوى العالم، حتى أصبحت التيكوندو رياضة عالمية أوليمبية شائعة ومنتشرة. والتيكوندو مقبلة الآن على مرحلة مختلفة، وعلى نقلة نوعية جديدة، باعتبارها ضمن الفنون الإبداعية، في مختلف بقاع العالم.
[img]]
