الرئيسية
يعج محل لتأجير الدراجات في حديقة يوئيدو بالناس من كل الأعمار ويتزاحم الكثيرون منهم من أجل تأجير دراجة. وفي هذا الموسم الربيعي الجميل في شهر مايو فإن الحديقة تكون بشكل دائم مزدحمة بالأسر والأحباء والأصدقاء خاصة خلال عطلات نهاية الأسبوع أو في الإجازات العامة. وحتى في أيام العمل العادية فإن كثيرا من العاملين يستمتعون بساعة الغداء داخل هذه الحديقة الغنّاء، كما أن من المألوف جدا مشاهدة أعداد من العشاق والفتيان والصبايا وهم يقضون أوقاتا ممتعة داخل الحديقة.
وبسبب تنامي ظاهرة ركوب الدراجات رأت السلطات المعنية تخصيص طرق لها من أجل سلامة راكبي الدراجات ومن أجل المحافظة على الطبيعة والبيئة. ومع انتشار ظاهرة الاهتمام بصيانة البيئة ازداد عدد مستعملي وسائقي الدراجات في كوريا. لم تعد الدراجات مجرد وسيلة للمواصلات عند البعض وإنما صارت ظاهرة ترفيهية وصحية ورياضية وسياحية ممتعة.
وحسب المجلس الكوري من أجل الرياضة للجميع فقد بلغ عدد النوادي الخاصة بركوب الدراجات في كوريا حوالي 900 نادٍ يشترك فيها 24 ألف شخص، وذلك حسب سجلات عام 2010. هذا العدد هو مجرد عدد إحصائي عام لكن الظاهرة على الطبيعة وميدانيا تتفوق على ذلك بكثير جدا ويقدر البعض عدد أصحاب ومستعملي الدراجات في كوريا الآن بما يزيد عن خمسة ملايين شخص، كما أن متوسط عدد الدراجات التي يتم بيعها في كوريا الآن يقدر بأكثر من عشرين مليون دراجة سنويا أي أن كل أسرة من بين أسرتين كوريتين تمتلك الآن دراجة واحدة على الأقل.
الثامنة صباحا في يوم الثامن من شهر إبريل، في ضاحية موك دونغ في غرب سيول وبالقرب من جسر شين جونغ، وعدد من سائقي الدراجات يرتدون الزي الرسمي المخصص لمتسابقي الدراجات المحترفين، وهم يتفحصون دراجاتهم للتأكد من سلامة كل شيء فيها. كان هؤلاء هم أعضاء نادٍ لهواة ركوب الدراجات.
تجمع أعضاء النادي اليوم من أجل حضور المناسبة السنوية الكبرى الخاصة بركوب الدراجات حيث يتجمع ركاب الدراجات من مختلف الأماكن في البلاد بالقرب من القصر الرئاسي. الجميع في حالة من الحماس والإثارة وهم يلتقون ببعضهم البعض شخصيا وعلى الطبيعة بعد أن كان تواصلهم في السابق مقتصرا فقط على ساحة الإنترنت.
يضم نادي الهواة ثلاثة وستين ألف عضو، وعمر النادي يصل الآن إلى اثني عشر عاما. الأعضاء ينتمون لمناطق وأقاليم مختلفة من كوريا، من العاصمة سيول وحتى المناطق البعيدة مثل جزيرة جيجو. وبمجرد أن يلتحق العضو بالنادي يصبح لزاما عليه تبادل وتشارك المعلومات والأفكار والمقترحات مع بقية الأعضاء.
ركوب الدراجة ليس مجرد وسيلة لاكتساب اللياقة البدنية وممارسة الرياضة لكنه شيء يمنح الشخص إحساسا بالقدرة على الإنجاز والتصدي للصعاب والتحديات. كل من مارس ركوب الدراجات بشكل منتظم يقول إن ذلك عزز من ثقته بنفسه كما أن قيادة الدراجات في شكل أسراب وفرق وجماعات أمر يمنح الكثير من المتعة والتسلية والحماس.
ومع رواج ظاهرة ركوب الدراجات تضاعفت مبيعات الدراجات وقطع الغيار والأجزاء والإكسسوارات الخاصة بها. التسوق الخاص بالدراجات بكل أشكاله على الطبيعة وعلى شبكة الإنترنت وإلكترونيا ازداد بشكل واضح وبنسب قٌدرت في المتوسط بـ30%.
من الصعب على أي هاوٍ حقيقي للدراجات المرور بأي محل لبيع الأدوات الخاصة بالدراجات دون التوقف للاستفسار عما لديه من جديد يمكن أن يضيفه لدراجته الحبيبة وهو على استعداد دائم لأن يدفع مقابل كل ما يعطي الدراجة تفرّدا وتميّزا وجمالا. وبالنسبة لهواة الدراجات، فإن الدراجة ليست مجرد وسيلة نقل ومواصلات ولا حتى مجرد أداة للرياضة أو التسلية، وإنما هي جزء لا يتجزأ من عالمهم الخاص.
ورواج ظاهرة اقتناء وقيادة الدراجات أفرز ظواهر أخرى وأسهم في تعزيز وتنشيط أعمال تجارية أخرى مثل صيانة وإصلاح الدراجات. الدراجات المتشققة والصدئة يمكن أن تتحول لدراجات فاتنة المظهر لامعة متألقة بقليل من الجهد والوقت والمال، بحيث لا تتجدد فقط وإنما يمكن لها أن تُولد من جديد. ومع ازدياد أعداد راكبي الدراجات أدركت الحكومات الإقليمية ضرورة تخصيص مسارات للدراجات من أجل تأمين السلامة المطلوبة لأصحاب الدراجات ولإنجاح وتشجيع الحملات الخاصة بحماية البيئة.
إذا كان منزلك بعيدا جدا عن مكان عملك فيمكنك استعمال الدراجة حتى أقرب محطة مترو، وترك الدراجة هناك في موقف آمن مقابل إيجار رمزي، حتى موعد عودتك. لاستعمال المواقف المخصصة للدراجات بجانب محطات القطار هناك أنظمة متعددة، مثل: الاشتراك السنوي أو الشهري، والعضوية الدائمة، والدفع اليومي. الاشتراك السنوي لا يزيد عن ثلاثين دولارا في العام. وهناك مواقف دراجات مجانية في بعض الأماكن مثل محطة يونغ دونغ بو ومحطة دانغ سان. وبما أن أعداد الدراجات ومستعمليها في تزايد مضطرد فمن الضروري تعليم وتثقيف مستعملي الدراجات بإجراءات ونُظم السلامة. وهناك الآن جهات متخصصة وخبراء متخصصون يساعدون في ذلك، مثل السيد كيم يونغ بوم من منظمة تطوير ثقافة الدراجات.
العالم يعيش الآن عصر الإصحاح البيئي والنظافة والسلامة البيئية، وهو في ذلك بحاجة لممارسات وأساليب وعادات تتسم بالحيوية وتنسجم مع متطلبات الطاقة النظيفة، تكون مفعمة بالصحة وخالية من التلوث ومسببة للسعادة، وركوب الدراجات خطوة مهمة على هذا الطريق.
