الرئيسية
أظهر اللاعبون واللاعبات الكوريات في مجال المبارزة مهارات عالية جديدة في الدفاع والهجوم والمباغتة بشكل تفاعل معه الجمهور في لندن بشكل مثير. وكانت الشعبية التي حققها الفريق الكوري وسط جماهير المبارزة في لندن أمرا ملفتا للنظر.
أشرف السيد "يون نام جين" على تدريب فريق المبارزة الكوري الجنوبي الذي خاض المنافسات إبان أولمبياد بكين عام 2008، وهو يدير الآن ناديا متخصصا في المبارزة في جنوب سيول. وهو يقول إنه مندهش من السرعة التي تنتشر بها لعبة المبارزة في كوريا الآن.
لا يمكن القول بأن المبارزة صارت رياضة جماهيرية شعبية بين ليلة وضحاها. لكن يمكن القول بأنها رياضة موعودة بالجماهيرية والشعبية والرواج في المستقبل القريب. ما زالت هناك حاجة للكثير من المنشآت والتجهيزات الخاصة بتلك اللعبة، ولكن طبيعة الأشياء تقول إن العرض لا بد من أن يواكب الطلب، والحقيقة فإن الطلب في حالة تزايد يومي مستمر كما يظهر من خلال الزيادة المضطردة في عضوية النوادي المهتمة بالمبارزة. "يو جي هيوك 유지혁" تلميذ في الصف الدراسي التاسع جاء عبر مسافة بعيدة من "آنسان" لتعلم فنون لعبة المبارزة في سيول.
وحتى الآباء والأمهات الذين لا يعرفون أي شيء عن هذه اللعبة ولا عن قواعدها أو تاريخها صاروا من المعجبين بها الآن ويشجعون أطفالهم على ممارستها.
يعود أصل وتاريخ المبارزة كرياضة إلى فرنسا، لكن المبارزة كممارسة معروفة منذ زمن بعيد. كان أول نادٍ متخصص في المبارزة في كوريا هو نادي "كوريو 고려 للمبارزة" الذي تكوّن تحت إشراف "كيم تشانغ هوان" عام 1946. وتم اعتماد المبارزة كرياضة رسمية في المنافسات الرياضية القومية الـ43 عام 1962، لكنها لم تنجح في فرض نفسها كرياضة شعبية. هناك الآن 186 فريقا في المبارزة تضم حوالي ألف وخمسمائة من تلاميذ وطلاب المدارس الأولية والمتوسطة والثانوية والجامعات والمؤسسات المختلفة. لكن كوريا بصفة عامة لم تنجح في طرح نفسها كدولة لها اهتمام يذكر برياضة المبارزة إلا بعد فعاليات الدورة الأولمبية الأخيرة في لندن. سبق لكوريا قبل لندن الفوز بجوائز وألقاب قليلة ومتباعدة في عدة مناسبات رياضية دولية، من بينها ذهبية الرجال في سيدني وفضية نسائية في بكين.
تكمن القوة الحقيقية للمبارزين والمبارزات الكوريات في الثبات والمرونة وسرعة خطواتهم. ربما كانوا يفتقرون لميزة طول القامة التي يتميز بها منافسوهم خاصة من الأوربيين، لكن خِفة وسرعة حركة الكوريين عوضت عن ذلك النقص.
رغم أن أكثر المبارزين الكوريين هم من طلاب المدارس، إلا أن هناك عددا من الكبار يمارسون اللعبة كهواية.
هناك العديد من المصطلحات الخاصة بتلك اللعبة التي لا بد من التعرف عليها منذ البداية. وقد تبدو غريبة وغير مفهومة للكوريين لكن فهمها يبدأ مع الممارسة، بل ربما يكون فهمها هو أول متطلبات فهم اللعبة نفسها. مثلا : "أُن غارد" تعني "استعد"، و"مارش" تعني "تقدم"، و"فينت" تعني "اطعن".
المبارزة ليست مجرد لعبة رياضية بدنية مسلية ومثيرة لكنها أيضا لعبة ذهنية مثيرة للتفكير ومعززة للذكاء.
ولهذا فإن المبارزة قد تكون وسيلة عملية يتعلم منها الشباب كيفية التركيز والتحليل والتخطيط السليم والتعامل مع كل حالة كما هي.
ظاهرة ممارسة رياضة المبارزة آخذة في الانتشار والتدفق في كوريا، وكل يوم جديد يستقبل مبارزين جدد.
كان من بين نتائج الدورة الأولمبية الأخيرة في لندن أن المبارزة لم تعد مقتصرة على الأوربيين ولم يعد معظم أبطالها من الأوربيين، بل صار لها معجبون وأبطال ومهتمون وجمهور داخل عمق آسيا البعيد. كوريا التي ظلت تراقب وتتابع تلك الرياضة بفتور، صارت في طريقها الآن لتحتل الموقع المناسب لها في قلب الساحة الدولية، والمبارزون الكوريون عازمون ومصممون على اكتساح البطولات وتحقيق الانتصارات المتتالية، وقد بدؤوا بالفعل في شحذ سيوفهم انتظارا للمعركة العالمية الكبرى القادمة في ريو دي جانيرو في البرازيل في عام 2016.
