الرئيسية
المشي هذه الأيام موضة وصرعة تجتاح الكثيرين في كوريا، وهي ظاهرة تتكرر بشكل يومي في مختلف الطرقات والساحات والحدائق، في أوقات الصباح وفي المساء وفي آخر الليل أحيانا. المحلات المتخصصة في بيع أدوات الرياضة من أحذية وملابس وغيرها تعج بالزبائن في كل الأوقات.
ما لم يكن الشخص يعاني من عجز او إعاقة بدنية، فإن المشي هو من بين أفضل الرياضات للجميع. ويمكن لكل شخص ان يمارسه منذ الطفولة وحتى الكهولة، وإلى آخر العمر. المشي رياضة بسيطة ومفيدة للبدن والنفس والروح.
المشي هو أفضل نشاط خارجي يمارس في كوريا الآن. والمشاة في كوريا في حالة تزايد مضطرد طيلة السنوات ال5 الماضية. وقد شرعت العديد من الحكومات الإقليمية في كوريا في تخطيط وتنفيذ منتزهات عديدة للمشي في مختلف أرجاء البلاد من جزيرة جيجو وحتى جبل جيري. جزيرة جيجو هي من بين أكثر المناطق في كوريا اهتماما بتوفير وتخطيط العديد من المسارات المخصصة للمشي، ومنذ 2007 خططت الجزيرة عدة مسارات يبلغ طول كل منها ما لا يقل عن 15 كيلومترا وأطلق عليها أسماء متنوعة وجذابة ويؤمها العديد من المواطنين والسائحين.
21 مسارا مجهزا سيتم افتتاح آخرها يوم الـ24 من نوفمبر الجاري. في البداية كان عدد الرواد الذين يحضرون لممارسة المشي في هذه المسارات محدودا ولا يزيد عن بضعة آلاف، لكن العدد وصل في نهاية 2010 إلى ما يقارب 800 ألف شخص. مسارات المشي في جيجو صارت معالم جذب سياحي كبير لتلك الجزيرة.
وبسبب تخطيط وتجهيز العديد من مسارات المشي صار من الممكن الآن الحصول على سيل من المعلومات المتعلقة بفوائد المشي وأساليب ممارسته بشكل امثل.
بدأ تكوّن جماعات المشاة منذ 2008 وقد ظلت أكثر تلك المجموعات ملتزمة بممارسة المشي بشكل منتظم. والكثير منهم تقدموا في السن لكنهم صاروا في الواقع أكثر شبابا.
الجو الخريفي المنعش في كوريا كثيرا ما يكون هو الأنسب لممارسة المشي، حيث أوراق الخريف المتساقطة فوق الطرقات والمسارات تجعل المشي رومانسيا ممتعا. من الأفضل ممارسة المشي السريع بدلا من المشي البطيء والمتثاقل حتى يكتسب الجسم الحركة والنشاط اللازمين. البروفسور كيم يؤكد ذلك من منطلق علمي.
هكذا فإن المشي يمكن ان يكون رياضة مفيدة ومسلية في الوقت نفسه للصغار والكبار ولمقاومة شتى الأمراض كما انه يساعد على التخلص السريع من البدانة. ويقول الخبراء إن المشي علاج ودواء لأنه يساعد على تحسين جريان الدورة الدموية وتنظيم عملية التنفس، ويخلق مقاومة ممتازة للجسم.كما أن المشي فقط كمجرد مشي لا يكفي، حيث لابد أن يكون بالسرعة الصحيحة وبالشكل الصحيح.
أصوات حفيف أوراق الأشجار عندما تطأها أقدام المشاة تبدو وكأنها حوارات بين الماشي وأقدامه مما يضفي على المشي شكلا رومانسيا يدغدغ الأذن والأحاسيس.
يتم تنظيم منافسات ومسابقات دورية للمشي خلال موسمي الخريف والربيع وأشهرها سباق "تشونغ كيه تشون".
تم تنظيم سباق هذا العام في يوم 21 من أكتوبر بحضور ما لا يقل عن 2000 شخص. كانت البداية في سول بلازا.
سباق المشي وما يسميه البعض ماراثون المشي يتم عبر 10 كيلومترات وهي مسافة ليست قصيرة بالتأكيد لكن الجميع من الكبار والصغار عازمون على إكمالها.
طرق جبلية وشوارع ساحلية، وكلها ذات طبيعة ساحرة خلابة تجذب المشاة وتخلق لديهم الرغبة والدافع للمشي وسط بيئة جميلة طبيعية . والأمر لا يقتصر على الحدائق والساحات الخارجية فقط، فحتى داخل الأزقة في الأحياء والضواحي تجد الكثيرين ممن يمارسون المشي كرياضة وهواية وهم في حالة استمتاع. المشي في كوريا الآن صار ثقافة تستحق الوقوف عندها. صار من المألوف الآن أن تجد بعض موظفي المكاتب يمارسون المشي كرياضة من منازلهم إلى دور عملهم وبالعكس. المشي صار الآن موضة وصرعة في كوريا وظاهرة محببة للجميع، كما صار علاجا للروح وللبدن، ووسيلة للتأمل والتفكر والتخطيط السليم.
